مقدمة:
يعتبر القضاء سلطة من سلطات الدولة لا تستطيع ممارسة أعماله وإعطاء أحكامه قوتها ومعناها إلا في مجتمع منظم تسود فيه دولة مبنية طبقا لأحكام قوانين تضعها وتعتبر ها عنوانا للعدالة والحق، فخضوع الدولة بكل هياكلها لهذه القوانين هو أفضل الحلول الممكنة للتوفيق بين ما تتمتع هيئات الدولة من سلطات لا غنى عنها لانتظام حياة الأفراد في المجتمع وبين حريات الأفراد التي يحتفظ بها رغم وجود الدولة بسلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، مع ما يتضمن من تقييد لجانب من هذه الحريات.
ويعتبر القانون الإداري هو الأداة التي تحكم الإدارة العامة في نشاطاتها المختلفة، فقد تزايدت أهمية هذا القانون مع اتساع نطاق الوظيفة الإدارية للدولة، حيث لا يكاد ينجو أحد الأن من الاحتكاك في حياته اليومية بالإدارة العامة والدخول في علاقات معها، وبناء على ذلك فكل فرد من أفراد المجتمع تربطه بالإدارة أكبر رابطة بصفته معاونا لها في تسيير مرافقها وبطبيعة الحال فإن الرقابة على هذه العلاقات تتلوها المحاكم التي تعد ضمانا لحقوق وحريات الأفراد نظرا لما ينطوي عليه القضاء من حياد ونزاهة واستقلال عن أطراف النزاع لكونه له دراية بالشؤون القانونية ومسائل المنازعات، ذلك أن مبدأ خضوع الدولة للقانون يعني خضوعها للقضاء، فلا قيمة للقضاء بدون تنفيذ أحكامه وعدم تنفيذ الأحكام يجر المرء إلى التفكير في انحلال الدولة.
إن من أبرز مظاهر دولة الحق والقانون أن يحتكم المتنازعون إلى القضاء الإداري، فإذا صدر الحكم صار شمولا بالنفاذ يتعين الامتثال لمضمونه من قبل الأفراد والهيئات؟، فلا وجود لجهة أو هيئة أو فرد مكانة فوق القانون فالكل ملزم للخضوع لأحكام القضاء، فدولة الحق والقانون تقاس بمدى تنفيذ واحترام القرارات القضائية الصادرة عن أي جهة مختصة في المجال الإداري.
تتمثل الجماعات الترابية حسب دستور 2011 في الجهات، العمالات، الأقاليم والجماعات وتحدث كل جماعة محلية جديدة بقانون واعتبار أن الجماعات الترابية عبارة عن وحدات يتم تعيين حدودها الجغرافية بشكل دقيق فيها لاعتبارات تاريخية وثقافية، مؤسساتية أو سعيا لتحقيق تعاون وتكامل بين مكونات المنطقة، تدخل في حكم القانون العام إضافة إلى أنها تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتكون عبارة عن وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام، كما تتوفر الجماعة على مجموعة بشرية وتنظيم إداري وأجهزة منتخبة إدارية ومالية مستقلة ة وقد ظهرت في المغرب أول نواة لإحداث جماعات حضرية؟ وقروية بصدور ظهير 1917 كأول محاولة للتنظيم الجماعي الحديث استمدت توجيهاتها من الملك محمد الخامس بتاريخ 1956/11/12، الذي أعرب فيه جلالته عن العزم على إرشاد الديمقر اطية بإحداث المجالس المحلية في المدن والبوادي التي تمكن من التهذيب السياسي للمواطنين ومساهمتهم في سير شؤونهم المحلية، وتبلورت هذه الرغبة بصدور ظهير 1960 المتعلق بالتنظيم الجماعي الذي أرسى دعائم اللامركزية بمفهومها الصحيح.
لقد قرر المغرب تطبيق التنظيم الجماعي تطبيقا شاملا وذلك بغية إصلاح الإدارة إصلاحا ديمقراطيا يعتمد على الانتخاب واستمر العمل بهذا الميثاق إلى غاية صدور ميثاق رقم 00-78 الصادر في 03 أكتوبر 2002 والذي عدل بقانون 08-17 سنة 2009، كان الهدف من هذه الرسالة القانونية تطوير الحكامة المحلية، تحديث الإدارة المحلية، تعيين وسائل تدبير المرافق العمومية.
تكمن أهمية الجماعات الترابية في تحقيق التنمية الاجتماعية بهدف تفعيل السياسة العامة للدولة، تطوير الإدارة المحلية وتحديثها إضافة إلى تدعيم وحدة المدينة وكدا تحسين وسائل تدبير المرافق العمومية قاصدة بذلك خلق التوازن الإداري على جميع المستويات.
تعد إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإدارة من المواضيع التي أثير حولها نقاش واسع من قبل الباحثين والفقهاء خصوصا مع تطور الاجتهاد القضائي ذلك من أجل البحث عن الوسائل والضمانات الكفيلة بحمل الإدارة مسؤولية تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهتها، ففي الواقع لا قيمة لمبدأ المشروعية في الدولة ما لم تعترف بمبدأ احترام القضاء ولا قيمة للقانون بغير تطبيقه.
إذا من خلال ما سبق لا يسعنا الحديث إلا عن الصياغة القانونية والإشكالية المطروحة التي ستؤثث فضاء موضوعنا هذا.
ما هي الحلول الممكنة لحل إشكالية تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الجماعات الترابية؟ من هذا المنطلق تظهر لنا الفكرة المركزية حول طبيعة المنهج المعتمد والتحليل في الموضوع معتمدين في ذلك على منهجين رئيسيين يتمثلان في المنهج التحليلي قصد الاحاطة بالموضوع
للاطلاع على الدراسة كاملة تحميلها