ذ. عبدالحق أخو الزين

مستشار بالمحكمة الإدارية بالرباط

إن الإصلاح الدستوري الذي عرفه المغرب مكن من خلق دينامية جديدة على مستوى الرقابة على المال العام، من خلال إرساء العديد من مبادئ الحكامة الجيدة، إذ أصبحت السلطات العمومية مدعوة إلى العمل على الوقاية طبقا للقانون ، من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها، وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، والزجر عن هذه الانحرافات ، فضلا على خضوع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وخضوعها في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور ،كما أن ممارسة أعوان المرافق العمومية لوظائفهم يتعين أن يتم وفق مبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة،كما رتب الدستور على عاتق المرافق العمومية التزاما بتقديم الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية، طبقا للقوانين الجاري بها العمل، مع خضوعها في هذا الشأن للمراقبة والتقييم،مما أصبح معه القضاء الإداري باعتباره أحد المرافق العامة مدعو إلى الانخراط في دعم المبادئ المذكورة والتي تستهدف حماية المال العام، وذلك خلال بته في القضايا المعروضة عليه،وخاصة في المنازعات التي لها صلة بالمال العام من قبيل منازعات الصفقات العمومية.

واعتبارا لارتباط الصفقات العمومية بتدبير الشأن العام، وبحكم أنها تشكل اللبنة الأساسية لتلبية حاجات الإدارة، وبالنظر لأهمية موضوعها المتمثل في إنجاز أوارش كبرى أو تقديم خدمات وانجاز توريدات، فإن إطارها القانوني يخضع لبعض المبادئ الرامية إلى ترسيخ الشفافية والحفاظ على مصالح الإدارة والقطاع الخاص، في إطار شراكة متوازنة يتوخى منها إنجاز أعمال بجودة عالية ، وبتكلفة مناسبة ، فضلا على الرغبة في تخليق الحياة العامة ومحاربة كل الممارسات المرتبطة بأفعال الغش والرشوة.

تبعا لذلك ، فقد سن المرسوم المؤطر لها قواعد خاصة لإبرامها وتنفيذها وإنهائها إذ على مستوى إبرامها،فقد سعى المشرع إلى تكريس مبدأ الشفافية في إبرام العقود الإدارية المندرجة في إطار الصفقات العمومية من خلال إقراره للمبادئ الآتية:

-وضع آليات تمكن من ضمان الشفافية في إعداد الصفقات وإبرامها وتنفيذها.

-تثمين القواعد التي تشجع على حرية المنافسة وتحت على تبار أوسع بين المتعهدين.

-اعتماد مبدأ المساواة في التعامل مع المتعهدين خلال جميع مراحل إبرام الصفقات.

– إلزام صاحب المشروع بضمان الإعلام المناسب والمنصف لجميع المتنافسين خلال مختلف مراحل مساطر إبرام الصفقات.

-ترسيخ أخلاقيات الإدارة وذلك بإدراج إجراءات من شأنها التقليص من إمكانيات اللجوء إلى كل الممارسة المرتبطة بأفعال الغش والرشوة.

-الحد من التدخل البشري من خلال نزع الصفة المادية عن المساطر وإلزام أصحاب المشاريع بنشر بعض المعلومات والوثائق في البوابة الالكترونية لصفقات الدولة.

ونشير هنا إلى أن الضمانات القانونية لحماية مبدأ الشفافية في نظام صفقات الدولة لا تغني في شيء عن رقابة القضاء الإداري على صحة مسطرة إبرام عقد الصفقة باعتبار أن الغاية منها هو تأمين حسن استعمال المال العام، لذلك نجد أن الرقابة القضائية تمتد إلى الإجراءات الممهدة لإبرام عقود الصفقات.

وعلى مستوى تنفيذ وإنهاء عقد الصفقة، فإن المتعاقد مع الإدارة يلتزم باحت ارم شروط العقد، شأنه في ذلك شأن أي متعاقد، غير أن الطبيعة الخاصة للعقد الإداري بالنظر لارتباطه بتسيير مرفق عمومي، تجعل من بعض الالتزامات المفروضة على عاتق المتعاقد مع الإدارة تحظى بأهمية خاصة، من قبيل إلزامية التنفيذ الشخصي للأعمال محل التعاقد من قبل المتعاقد ،وما يرتبط بذلك من قواعد وقيود تحكم أداء العمل وتنفيذه، وحدود إسناد هذه الأعمال أو جزء منها لمقاولة أخرى ،كما يلتزم المتعاقد مع الإدارة بالتنفيذ خلال المدة المحددة لإنجاز العمل محل التعاقد ،وعدم جواز تأخير تسليم الأعمال عن الميعاد المحدد في العقد، ويبقى من أهم الالتزامات التي ترتبط بحسن تنفيذ المشروع والتي يبسط عليها القضاء الإداري رقابته ،الالتزام بضمان سير المرفق العام والالتزام بضمان سلامة الأعمال،وبخصوص إنهاء عقد الصفقة،وبالنظر لارتباط…

للاطلاع على الدراسة كاملة وتحميلها

Loader جاري التحميل...
EAD Logo هل يستغرق وقتا طويلا؟

إعادة تحميل إعادة تحميل الملف
| Open فتح في نافذة جديدة

تحميل الملف [606.33 KB]

اترك تعليقاً