يونس شهيم
متصرف تربوي بمديرية الحي الحسني وباحث في العلوم السياسية
متصرف تربوي بمديرية الحي الحسني وباحث في العلوم السياسية
ظل الأشقاء بالجارة الجزائر يمنون النفس في إقامة دولة مدنية حديثة لا عسكرة فيها للمؤسسات السياسية، لذلك ما إن هبت نسائم الربيع العربية حتى رأيناهم يلتفون حول مطلب أوحد ووحيد “يسقط حكم العسكر” ، “مدنية لا عسكرية” فتوالت الجُمَعُ الاحتجاجية بالعشرات رافعة الشعارات استطاع معها الشعب الجزائري الشقيق تأثيث مشهد توديع رئيس كان حينها يستعد للقاء ربه، فانطوت عليه حيلة التغيير!
استبدل الجنرالات رئيس معاق بدنيا و حركيا برئيس معاق الصلاحيات لا يأتمر إلا بأمر الجيش فلم تتحقق المدنية للشعب ولم يتغير النظام قيد أُنمُلة!
زوَّد الجيشُ الرئيس الجديد بحصان وهمي سيتضح للأشقاء بعد انجلاء الغبار أن ما يركبه رئيسهم لا يعدو أن يكون حمارا وأشاروا عليه للانطلاق في فتوحاته الدونكشوتية الوهمية عساهم يخمدوا بذلك نار الحراك التواق إلى العيش الكريم وتحقيق العدالة الاجتماعية والحكم الديمقراطي المؤسساتي وإقامة دولة الخق والقانون، وعساهم أن يلفتوا نظر الحراك إلى معارك مفتعلة مع جار يسير في درب التقدم، جار أنعم الله عليه بنعم الاستقرار والطمأنينة والسلام، جار يمد اليد لانتشال المنطقة المغاربية خاصة والإفريقية عامة من التخلف والانتقال بها إلى المستقبل المشرق الذي سيعود بالنفع على شعوب المنطقة برمتها.
ومنذ توليه السلطة لم تسلم من حماقات الدون كيشوت الجزائري لا الطواحين وحدها، بل حتى الغابات، أشعل الحرائق وامتنع عن أي مساعدة لإطفائها وكأنه يستضيئ بنار تحرق شعبا يكتوي من خيرات نُهِبت، ومن ثروات سُرِقت، ومن حراك يتساءل بأي ذنب وُئِد!
أَ قدرُ المغرب العربي الموت بسُمِّ جنرالات لا هم لهم سوى تكديس الثروة في المصارف الأجنبية؟
إن قطع العلاقات الديبلوماسية اليوم مع المغرب لن يزيد المغرب سوى ارتقاء وتألقا ولكن سيكلف الجزائر خسائر كبيرة، أولاها أن التاريخ سيجل عليها وضع العصا بالعجلة بتعطيلها لكل المبادرات المغربية من أجل فتح الحدود وطي صفحة الماضي والنظر إلى المستقبل من أجل خير ومصلحة شعوب المنطقة وهو كلام العقال الحكماء، وبإثارتها للفتن وخلق كيانات وهمية من أجل بث البلبلة وعدم الاستقرار في المنطقة، وثانيها أن الشعب الجزائري الشقيق يعلم علم اليقين أن الخلل يكمن في نظام بلده وأنه لا يقوى على تغييره، وثالثها أنه كما تدين تدان، فلئن خلقت الجزائر كيانا انفصاليا وهميا وسخرت له كل ما في وسعها من مال ومدد بغرض العداء والحقد فإن كيانا يخرج من رحمها هذه المرة وله من المشروعية ما يزكي أطروحة انفصاله عن النظام العسكرتاري الجزائري ، فهل سينصت المجتمع الدولي إلى صوت ومطالب “جمهورية القبائل المحتلة” كما يراها سكان المنطقة؟
رابعها أن التاريخ سيشهد أن المغرب حاول مرارا أن يشد عضده بأخيه الجزائر قبل أن يتبين أن الجزائر ليس من أهله وأنه عمل غير صالح!
خامسها أن كل ما تمناه النظام الدونكشوتي الجزائري من توتر للعلاقات بين المغرب ودول أوروبا باء بالفشل بعدما عادت العلاقات بين المغرب وإسبانيا أمتن من السابق وبعدما تعززت العلاقات مع فرنسا أكثر من ذي قبل وبعدما سيتم طي الخلاف مع ألمانيا في القريب العاجل لكون حكام أوروبا والمغرب يجمعهم مصلحة شعوبهم وتحقيق الرفاهية لمواطنيهم ومن كانت هذه غايته التأم شمله وتعززت علاقته.