ناقش الطالب أنوار بوهلال أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص  يوم السبت 10 أبريل 2021 حول موضوع: “بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة: ـدراسة مقارنةـ، بكلية العلوم القانونية والإقتصاديةوالإجتماعية التابعة لجامعة مولاي اسماعيل بمكناس.

ونال شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، بميزة مشرف جدا

وقد حضي الطالب في مناقشة أطروحته بلجنة علمية تتكون من الاساتذة الأجلاء:

الدكتور نور الدين العمراني استاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس (مشرفا ورئيسا).
الدكتور محمد بوزلافة عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس(مقررا).
الدكتور محمد العروصي استاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس(مقررا).
الدكتور عبد الإله المتوكل استاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس(مقررا).
الدكتورة مونية غمري مونير استاذة جامعية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس(عضوا).
الدكتور هشام حموني استاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس(عضوا).
ويعد الموضوع الذي تطرق له السيد بوهلال ذو راهنية كبرى لانه توجه حديث في السياسة العقابية المعاصرة مراهن عليه للتخفيف من تداعيات أزمة العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة. وقد خصص له مشروع القانون الجنائي المغربي المعروض على البرلمان بابا كاملا لاول مرة.

تقديم مختصر

تعد العقوبة الحبسية قصيرة المدة آلية محورية في النظام العقابي ببلادنا لمكافحة الإجرام البسيط، وتقدم الجواب الرسمي على هذه الظاهرة، لكن هذه الآلية أبانت عن قصورها في الحد من هذا النوع من الإجرام وساهمت في تكريس أزمة تعاني من تداعياتها السياسة العقابية ببلادنا، وذلك بسبب قصر مدتها التي لا تستوعب تفعيل برامج إصلاحية وتأهيلية متكاملة، كما أنها تعد من أبرز العوامل التي تساهم في تفاقم ظاهرة اكتظاظ السجون ببلادنا.

أمام هذا الوضع كان لابد من التفكير في آلية عقابية بديلة عن عقوبة سلب الحرية لمدة قصيرة، وبخصوص المغرب بدأت أولى المؤشرات حول تبني العقوبات البديلة منذ مطلع القرن الحالي كنتيجة للطفرة الحقوقية التي عرفتها المملكة في مناظرة إفران التي نظمتها وزارة العدل بتعاون مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي في نونبر من سنة 2000، كما تم ترسيخ هذا الاختيار في إطار مناظرة مكناس حول السياسة الجنائية أيام 9 و10 و 11 دجنبر 2004، حيث تم التأكيد في التوصيات الصادرة عن هذه الأخيرة على ضرورة التفكير في تعويض العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة بعقوبات بديلة، كما أكد على هذا التوجه الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة حيث أوصى بإقرار بدائل للعقوبات السالبة للحرية، ثم جاء التنصيص على العقوبات البديلة في إطار مسودة مشروع القانون الجنائي التي أعدتها وزارة العدل وأطلقتها للنقاش بتاريخ 31 مارس 2015، التي تحولت إلى مشروع القانون رقم 10.16 القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، حيث خصص الباب الأول مكرر منه لهذه البدائل، وقد تم عرضه على المجلس الحكومي وصادق عليه هذا الأخير بتاريخ 9 يونيو 2016، ثم أحيل على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بتاريخ 27 يونيو 2016 لمناقشته تمهيدا للمصادقة عليه، لكنه ظل في رفوف هذه اللجنة إلى اليوم.

أهمية الموضوع:

ولهذا الموضوع أهمية متعددة الأوجه دوليا ووطنيا:

– على المستوى الدولي نجد أن الوثائق والمؤتمرات الدولية المهتمة بمجال السياسة العقابية لا تخلوا من توصيات بضرورة تضمين الدول في تشريعاتها الجنائية الوطنية بدائل للعقوبات الحبسية قصيرة المدة، باعتبارها أحد أبرز تمظهرات تطوير المنظومات العقابية التي تراعي عمليات التأهيل والإصلاح وأنسنة العقوبة، بما يحقق تجاوز الأزمة التي كرستها العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة في مكافحة الإجرام البسيط.

– على مستوى التشريعات المقارنة نجد عدة أنظمة عقابية بمختلف توجهاتها لاتينية أو أنجلوساكسونية أو آسوية أو عربية أدرجت ضمن قوانينها الجنائية مجموعة من البدائل العقابية، وهذا يعني أن هذه التشريعات تراهن على بدائل العقوبات الحبسية قصيرة المدة  باعتبارها خيار لا غنى عنه من أجل تجاوز السلبيات التي أبانت عنها العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة.

-على المستوى الواقعي بالمغرب تتجلى أهمية العقوبات البديلة في:

  • كونها تتموقع في خضم الورش الإصلاحي لمشروع القانون الجنائي لأول مرة؛
  • حالة الترقب الانتظار لصدور مشروع القانون الجنائي، مع ما يرافق هذا الترقب من نقاش، خاصة وأن مشروع القانون المذكور يوجد في البرلمان ولم يحسم في صيغته النهائية، وهذا ما يزيد من قيمة النقاش حول مدى نجاعة التنظيم القانوني لهذه البدائل العقابية، وكذلك حول كيفيات تفعيل وتنزيل هذه الأنماط العقابية غير المعهودة في بلادنا، والنتائج المأمولة من وراء ذلك.
  • وبالتالي فهذا الموضوع يتميز في المغرب بحيويته وراهنيته الكبيرة لأنه مرتبط بورش إصلاح منظومة العدالة العقابية بالمغرب.

إن مقاربة موضوع بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة وسبر أغواره، يتطلب طرح الإشكالية التالية:

  • أية فعالية لبدائل العقوبات الحبسية قصيرة المدة في تحقيق ما فشلت فيه هذه الأخيرة على مستوى إصلاح وتأهيل وإدماج المجرمين قليلي الخطورة؟

وكفرضية للإشكالية المطروحة:  يبدو أن الرهان على تبني العقوبات الحبسية قصيرة المدة لم يصبح بعد حقيقة واقعية، وما زال في مرحلة الترقب في إطار القانون الجنائي، كما أن العرض المتعلق بأنماط هذه البدائل يبقى محدودا بالمقارنة مع العديد من التشريعات المقارنة

وقد عملنا على معالجة هذا الموضوع الحيوي، بالاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي والمقارن، وذلك بهدف:

– استقراء وتحليل وتقييم النصوص الناظمة لبدائل العقوبات الحبسية قصيرة المدة كما نص عليها مشروع القانون الجنائي في ضور الآراء الفقهية، مع الانفتاح على التجارب التشريعية المقارنة التي سبقت بلادنا في تفعيل بدائل العقوبات السالبة للحرية غربية كانت أو عربية أو آسيوية، والتي ننطلق منها لمقارنتها مع التنظيم القانوني الذي أتى به مشروع القانون الجنائي للبدائل، ونستهدف وراء هذه المقارنة التوصل إلى هل واضعي مشروع القانون الجنائي -ما دام أنهم قد تأخروا في تنظيم الأنماط العقابية البديلة للعقوبات الحبسية قصيرة المدة- استلهموا أفضل ما في هذه التجارب المقارنة، ووضعوا إطارا قانونيا ناجعا للعقوبات البديلة، أم أن هذا التنظيم لم يأخذ بعين الاعتبار التجارب الفضلى في هذا المجال.

بناء على ما سبق وسعيا للإحاطة بهذا الموضوع وربطه بسياقه فقد ركزت على النقاط التالية:

البحث أولا في مسوغات بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة ومرجعيتها وسياقها الوطني باعتبار ذلك أرضية صلبة محفزة على تبني العقوبات البديلة في المنظومة العقابية الوطنية. وثانيا الخوض في تنظيمها القانوني ولقيمتها العقابية ومدى فعالية تطبيقها على مستوى بعض التجارب التشريعية المقارنة.وثالثا التطرق للتنظيم الموضوعي والإجرائي الوارد في إطار مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائي المغربيين، ومحاولة الوقوف على مدى نجاعة هذا التنظيم، ومدى ملاءمة الأنماط العقابية البديلة وآليات تنفيذها المنصوص عليها في المشروعين المذكورين للبيئة والمجتمع المغربي، وكذا اقتراح أفكار مساعدة على التفعيل الذي نعتقده مناسبا لتجربة العقوبات البديلة ببلادنا.

وبالتالي فالتصميم الذي اعتمدته كان على الشكل التالي:

الباب الأول: مسوغات تبني العقوبات البديلة في المنظومة العقابية

الباب الثاني: التنظيم القانوني للعقوبات البديلة في إطار التشريعات المقارنة ومشروع القانون الجنائي المغربي.

اترك تعليقاً