
تمهيد:
كثيرا ما يتم الخلط بين جنحة تحقير مقرر قضائي وجنحة العصيان على الرغم من أن العناصر التكوينية لجنة تحقير مقرر قضائي مختلفة عن العناصر التكوينية لجنحة العصيان ، ومع أن لكل جنحة فصلا قانونيا منظما، ولكل جنحة غاية وهدف، ولذلك ارتأيت أن أوضح الحدود الفاصلة بين كل جنحة مع بيان بعض أوجه المتابعات القضائية التي جعلت مقتضيات الفصل 266 ق ج سندا لها عوض مقتضيات الفصل 300 ق ج واحيانا مقتضيات الفصلين سندا لها مع أن الواقعة المعروضة على انظارها ذات طابع مدني صرف، غير أنه لا بد أولا من التذكير بمقتضيات كل فصل من الفصلين أعزه وبيان العناصر التكوينية لكل جنحة وإبراز غاية المشرع الجنائي عند تنظيمه لجنة تحقير مقرر قضائي الفصل 266 ق ج ولجنحة العصيان بمقتضى الفصل 300 ق ج .
المبحث الأول: الإطار التشريعي والجانب التحليلي لجنة تحقير مقرر قضائي وجنحة العصيان
نتطرق في هذا المبحث للإطار التشريعي والجانب التحليلي لكل جنحة على حدة حتى نستطيع بيان الحدود الفاصلة بين الجنحتين حتى اذا تمكنا ممن ذلك سهل علينا بيان التداخل في الجانب العملي اليومي للعمل القضائي.
أولا : الإطار التشريعي لجنحة تحقير مقرر قضائي وجنحة العصيان
تطرق المشرع لجنحة تحقير مقرر قضائي في الباب الرابع المتعلق بالجنايات والجنح التي يرتكبه الافراد ضد النظام العام وبالتحديد في الفرع الأول المتعلق بالاهانة والاعتداء على الموظف العمومي بموجب الفقرة 2 من الفصل 266 ق ج بينما تطرق لجنحة العصيان في الباب الخامس المتعلق بالجنايات والجنح ضد الامن العام وبالتحديد في الفرع الثاني المتعلق بالعصيان الذي عرفه المشرع في الفصل 300 ق ج بكونه كل هجوم أو مقاومة بواسطة العنف أو الايداء ضد موظف أو ممثل السلطة العامة المكلف بتنفيذ أوامر او قرارات السلطة المذكورة او المكلف بتنفيذ القوانين او بتنفيذ الأحكام القضائية بصفة عامة سواء صادرة عن القضاء المدني او الزجري أو الإداري او التجاري، سواء كانت احكاما صادرة عن محاكم اول درجة مشمولة بالنفاذ المعجل، او كانت قرارات استئنافية أو أوامر استعجالية وقد اعتبر المشرع في آخر الفصل 300 أن التهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف، وهو بذلك بمثابة عصيان.
أول ما نسجله هو أن المشرع يجرم العنف أو الإيداء أو التهديد بالعنف في مواجهة الموظف المكلف بتنفيذ القانون أو أحكام القضاء ، وهو في كل صوره مساس بالحرمة الجسدية للموظف المكلف بتنفيذ القانون واحکام القضاء، فتخرج بذلك الأقوال والكتابات الماسة بشرف الموظف التي تجدها مكانها في مقتضيات الفصل 263 من ق ج المعاقبة على إهانة الموظف أثناء قيامه بمهامه فهي جنحة مختلفة من حيث عناصرها التكوينية عن جنحة العناصر كما هي محددة العناصر التكوينية بموجب الفصل 300 من ق ج.
ثانيا : العناصر التكوينية لجنحتي تحقیر مقرر قضائي والعصيان
نستعرض في هذه الفقرة العناصر التكوينية لجنة تحقير مقرر قضائي (1) | ثم للعناصر التكوينية لجنحة العصيان (2)
1- العناصر التكوينية لجنحة تحقير مقرر قضائي :
نص المشرع على جنحة تحقير المقررات القضائية في الفقرة 2 من الفصل 266 ق ج بعد أن أحال فيما يتعلق بالعقوبة على مقتضيات الفقرتين الأولى والثالثة من الفصل 263 ق ج اللتين تقضيان بعقوبة سالبة للحرية من شهر الى سنة وغرامة من 250 الى 5000 درهم وبعقوبة سالبة للحرية من سنة إلى سنتين بدون غرامة اذا وقعت الاهانة على احد من رجال القضاء اثناء الجلسة
لقد أشار المشرع في مطلع الفصل 266 ق ج على انه “يعاقب بالعقوبات المقررة في الفقرتين الأولى والثالثة من الفصل 203 على
1…………
2 الأفعال او الاقوال او الكتابات العلنية التي يقصد منها تحقير المقررات القضائية ويكون من شانها المساس بسلطة القضاء او استقلاله أما العناصر التكوينية لهذه الجنحة فيمكن تلخيصها فيما يلي :
أ.صدور فعل اول قول او كتابة علنية.
ب.ان يقصد الفاعل من فعله او قوله او كتابته العلنية الحط من شان حکم او امر او قرار قضائي والمساس بهيئة الاحكام الاستخفاف بها والتشكيك في انها عنوان للحقيقة، ويلاحظ أن المشرع وظف عبارة ” تحقير المقررات القضائية “لتبقى اللقاضي الزجري سلطة واسعة في تكييف الأفعال او الأقوال او الكتابات العلنية واستباط القصد منها وفق تعليل يبرز العناصر الواقعية المنطقية التي تبرز قصد القائل اور الفاعل او الكاتب.
ت. ان تكون النتيجة المباشرة او المحتملة هي المساس بسلطة القضاء او استقلاله، لكون المشرع نص على ما يلي: ” ويكون من شأنها المساس بسلطة القضاء او استقلاله ” أي يكون من شان الأفعال او الأقوال او الكتابات العلنية المساس بسلطة القضاء او استقلاله، فيفهم من ذلك أن العنصر الثالث من العناصر التكوينية لا يتحدث عن وجوب تحقق النتيجة وهي المساس بسلطة او استقلال القضاء بل يكتفي بإمكانية تحقق النتيجة، وهذا معناه ان المشرع يعاقب على الأفعال او الأقوال او الكتابات العلنية التي يقصد منها تحقير المقررات والاحكام القضائية ويكون من شانها ولو على سبيل الاحتمال – المساس بسلطة القضاء او استقلاله.
2. العناصر التكوينية لجنحة العصيان:
عرف المشرع العصيان بكونه كل هجوم او مقاومة عن طريق العنف او الايذاء د موظف مكلف بتنفيذ القانون او بتنفيذ الأحكام القضائية، واعتبر التهدید بالعنف بمنزلة العنف نفسه طبقا للفصل 300 ق ج، بل اعتبر التحريض على العصيان سواء بخطب القيت بأمكنة او اجتماعات عامة او بواسطة ملصقات او إعلانات او منشورات او كتابات بمثابة عصيان طبقا للفصل 304 ق ج، فيسرى على المحرض ما يسري على مرتكب العصيان وفق تفصيلات الفصلين 301و02 ق ج، هذا وقد أورد المشرع عقوبات مختلف باختلاف ظروف وملابسات العصيان[1] الذي لا تختلف عناصره التكوينية بصفة عامة [2]باختلاف العقوبات الجنحية والتي نستشفها من مقتضيات الفصل 300 ق . ج كالآتي :
أ) أن يتوافر فعل الهجوم او المقاومة عن طريق العنف او الإيذاء بالعنف.
ب) ان يسلط هذا الهجوم العنيف او المقاومة العنيفة على موظف او ممثل السلطة العامة، الذي من البديهي أن يكون ساعة الهجوم او المقاومة العنيفة
ت) ان يكون الفاعل على بينة أنه أمام موظف مكلف بتنفيذ القانون او بتنفيذ الأحكام القضائية، ومع ذلك يقوم بالهجوم او المقاومة العنيفة.
ثالثا: مقاربة العناصر التكوينية لجنحتي تحقیر مقرر قضائي والعصيان
باجراء مقارنة بسيطة يتبين مدى اختلاف في العناصر التكوينية لكل من جنحة تحقير مقرر قضائي وجنحة العصيان بتنفيذ القانون او بتنفيذ الأحكام القضائية والتي نسردها كالآتي :
- جنحة تحقير مقرر قضائي تستلزم ثبوت صدور الأفعال او الأقوال او الكتابات العلنية التي يقصد فيها الحط من شأن الأحكام والأوامر القضائية، يكون من شأنها المساس بسلطة القضاء او استقلاله، وهي تصرفات تمس معنويا الاحكام القضائية ولا تمس الأشخاص في ابدانهم او حرياتهم، ولا تمس بالتحديد الموظف المكلف بتنفيذ هذه الأحكام او بتنفيذ القانون، بينما تتمثل العناصر التكوينية لجنحة العصيان في فعل عنيف ضد الموظف المذكور وليس في قول مهين او كتابة حاطة بقدر أحد، ثم ان الفعل هنا قد اتخذ طابع العنف او الايذاء الموجه الى ذات الموظف وجسده لا الى اعتباره الأحكام القضائية او قدسيتها او الى اعتبار القضاة او ذواتهم وعلى هذا يتعين بالضرورة النظر الى الجهة التي وقع المساس بها.فان رفع المساس بذات الموظف، وكان المساس ماديا عن طريق العنف او الايذاء المسلط عليه كنا امام جنحة العصيان اذا توافرت باقي عناصرها التكوينية، وان ورفع المساس بحرمة المقررات والاحكام القضائية، والتي لا يتصور أن يقع عليها العنف المادي لانها ليست ذواتا، كنا امام جنحة تحقير مقرر فضائي ان توافرت باقي عناصره التكوينية.
- ان الغاية من خلال الهجوم او المقاومة العنيفة الموجهة الى شخص الموظف هو الحيلولة دون تنفيذ القانون او تنفيذ الحكم القضائي واجب التنفيذ بينما الغاية من الأفعال والأقوال هو المساس بهيبة الأحكام والقرارات القضائية لا عدم تنفيذها لان القول هو غير الهجوم او المقاومة، فقد يثبت القول ويصدر عن الفاعل من اجل تحقير المقررات القضائية ومع ذلك يتم تنفيذها، فتكون امام جنحة تحقير مقرر قضائي ولا نكون أمام جنحة العصيان، وقد يقع القول ويتبعه الهجوم العنيف وقد يتلازمان او يسبق الثاني الأول، فنكون أمام الجنحتين معا، وقد لا يصدر قول أو فعل او كتابة تمس هيبة الأحكام القضائية، ومع ذلك يصدر الهجوم او المقاومة بالعنف ضد الموظف بتنفيذ القانون أو الأحكام، فتكون أمام جنحة العصيان دون جنحة تحقير مقرر فضائي.
المبحث الثاني:تطبيقات فضائية
قد يتم الخلط بين الجنحتين المشار الى عناصرهما التكوينية في المبحث الأول، وغالبا ما يكون سبب الخلط عدم استحضار العناصر التكوينية لكل جنحة،مما يؤثر في وعلى التكييف القانوني للواقعة الواحدة ، فتوصف بأنها تحقير لمقرر قضائي في حين أن الأمر يتعلق بعصيان وقد توصف بالعصيان مع انها تحقير لمقرر قضائي، وقد توصف باحدهما او بهما معا مع انها ليست كذلك على الاطلاق وعلى هذا سنتناول بعض التطبيقات القضائية نستدل من خلالها على الخلط الذي يقع في التكييف القانوني لبعض النوازل.
أولا: الامتناع عن تنفيذ حكم وجنحة تحقير مقرر قضائي
يقع أحيانا متابعة الممتنع عن تنفيذ حكم بجنحة تحقير مقرر قضائي للفصل 266 ق ج المشار الى عناصره في المبحث الأول، مع أن الامتناع عن التنفيذ والذي قد يتم بالفعل او يعبر عنه المطلوب في التنفيذ عن طريق القول أو الكتابة العلنيه ( يعني المساس بهيبة الأحكام وازدراءها والنيل من قيمتها ما لم تصاحبه تصرفات تدل على ان الممتنع يقصد تحقير المقرر القضائي.
ان الامتناع عن التنفيذ صعوبة واقعية أورد لها المشرع مقتضيات قانونية في المسطرة المدنية للتغلب عليها في إطار الفصلين 436 و 149 من ق م م، والتي يمكن تجاوزها باستخدام القوة العمومية، حتى اذا تم اللجوء اليها وجوبهت بالمقاومة عن طريق العنف كنا امام جنحة العصيان بمفهوم الفصل 300 ق ج ، فان صدرت بالموازاة مع ذلك اقوال او كتابات علنية أو أفعال يقصد منها ازدراء الحكم القضائي، کنا امام جنحة ثانية وهي جنحة تحقیر مقرر قضائي.
ولهذا أصدرت قرارات متعددة عن محكمة النقض المغربية جاء فيها أنه “إن القرار الذي يقتصر على القول بأن المتهم صدر ضده حكم يقضي بإرجاع الحدود إلى حالتها الأصلية وقد أنذرته السلطة المكلفة بالتنفيذ، الا انه لم يمتثل وانتقلت إلى عين المكان فامتنع عن التنفيذ، وان فعله هذا يعد تحقيرا لمقرر قضائي، دون ان يبرز عناصر الفصل 206 بدقة ورعاية، يكون ناقص التعليل الموازي لانعدامه ومعرض للنقض”[3]
وجاء في قرار آخر: “لا يكفي لقيام جريمة تحقير مقرر قضائي القول بأن محضر التنفيذ حرر بصورة قانونية وتضمن رفض المتهم امتثال لما جاء فيه من أمر القضاء، وانما يتعين توضيح الأفعال والأقوال التي قصد بها تحقير المقرر القضائي
كما جاء في قرار آخر اید قرارا بالبراءة من جنحة تحقير مقرر قضائي ما “يكون سليم التعليل الحكم القاضي بالبراءة من جنحة الفصل 2/ 266 من قانون الجنائي، والمبني على أساس أن تصريح المحكوم عليه سابقا بإيقاف أعمال في عقار بأنه يمتنع عن إيقافها ليس فيه مساس بسلطة القضاء”[4]
ثانيا: المقاومة السليمة وجنحة العصيان
تم تسجيل حالات توبع فيها أشخاص بجنحة العصيان لكونهم قاوموا الموظف المكلف بتنفيذ الأحكام القضائية او تنفيذ القانون مع أن مقاومتهم لم تتسم بالعنف، ولذلك أصدرت محكمة النقض المغربية قرارا بنقض قرار محكمة الموضوع لكون المقاومة كانت سليمة وهكذا جاء في القرار ما يلي :” إن الحكم الابتدائي المؤيد بالقرار المطعون فيه لم يكن بدوره معللا طالما أنه لم يبين الوقائع المادية المكونة الجريمة العصيان وكيفية ارتكابها والتي يشترط لقيامها أن يكون هناك عنف او إيذاء او تهديد باستعمال العنف، او المقاومة السليمة لا تشكل جريمة عصيان “[5]
ثالثا: منع الموظف المكلف بالتنفيذ من الاقتراب من محل التنفيذ وعدم السماح له بإزالة الأحجار وجنحة العصيان
قد تتطور المقاومة السليمة الى منع الموظف بعمله وفق ما هو منصوص عليه في الحكم القضائي كإزالة الأنصبة او الاحجار او اغلاق محل، اذ يحول المنفذ عليه دون قيام الموظف بعمله، فيحتك الطرفان لان المنفذ عليه اعترض سبيل الموظف ومنعه من القيام بالعمل كازالة الأحجار او الانصبة وما شابه ذلك مما يكون مذكورا بالحكم القضائي، وهو بذلك يقيم على نفسه حجة المقاومة غير السليمة، ويكون موضوعا لتفعيل مقتضيات الفصل 300 من ق ج المعاقبة على العصيان.
جاء في إحدى قرارات محكمة النقض المغربية “أن التصريح لمأمور التنفيذ بعدم السماح له بالقيام بأي إجراء ومنعه من الاقتراب من محل التنفيذ وعدم السماح له بإزالة الأحجار تنفيذا لأمر قضائي يشكل مقاومة ضد موظف تك بتنفيذ حكم قضائي، وتطبق على تلك الأفعال جريمة العصيان حسب الفصل 00و من القانون الجنائي والقرار المطعون فيه حين برأه من جريمة العصيان عن تلك الأفعال يكون سيء التعليل ومعرض للنقض”[6].
رابعا: التفوه بعبارات نابية وجنحة تحقير المقررات الفضائية
إذا صدرت عن المطلوب في التنفيذ عبارات نابية في حق الموظف المكلف بالتنفيذ أو في حق هيئة منظمة، أو أحدا من الموظفين العموميين او من المفوضين القضائيين، فإن ذلك لا يعني قيام جنحة تحقير مقرر قضائي، لان الإهابة موجهة الذات بشرية وليس لحكم قضائي، وعلى هذا لا تقوم جنحة تحقير مقرر قضائي، وإنما جنحة إهانة موظف طبقا لمقتضيات الفصل 263 ق ج اذا أصدرت الأقوال او الإشارات او التهديدات او الكتابة أو الرسوم غير العلنية بقصد المساس بشرف مأمور التنفيذ او الجهة التي أصدرت الحكم القضائي او بقصد المساس بشعورهم أو الاحترام الواجب لهم، فيعاقب لذلك بالحبس من شهر الى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم.
الخاتمة
التنفيذ بمثابة اخراج للأحكام القضائية من إطار التصور الى مجال التطبيق، حيث يمكن المحكوم لفائدته من اقتضاء حقه رضاء او جبرا بتدخل السلطة العامة تحت اشراف ورقابة القضاء.
وقد وضع المشرع عدة وسائل لتنفيذ الأحكام القضائية في قانوني المسطرة المدنية باعتبارها الشريعة العامة في أصول التنفيذ، والمسطرة الجنائية في كل ما تعلق بالدعوى العمومية، كما أضفى على بعض التصرفات المدنية بطبيعتها حماية جنائية بموجب نصوص جنائية متفرقة، وأحال على بعض المقتضيات الزجرية المنصوص عليها في القانوني الجنائي لفرض هيبة الأحكام القضائية وضمان تنفيذها، غير أنه لا بد من مراعاة الطابع الخاص للمادة الجنائية التي لا تقبل التوسع في تفسيرها الا لفائدة المتهم، كما لا تقبل اعمال القياس الادانة شخص عملا بالقاعدة القانونية لا جريمة ولا عقوبة الا بنص المنصوص عليها في الفصل 4 ن ق ج الذي جاء فيه “لا يؤاخذ احد عاى فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه”.
ومن هذا المنطلق يتعين الانتباه الى ان بعض الوقائع والتصرفات المادية المصاحبة لعملية التنفيذ لا ترقى إلى مستوى الأفعال المجرمة قانونا، ولهذا فهي بمثابة صعوبات مادية تجد مكانها في قانون المسطرة المدنية، وليس بين دفتي القانون الجنائي حيث ينص الفصل 436 من ق م م على انه ” اذا اثار الأطراف صعوبة واقعية … احيلت الصعوبة على الرئيس من لدن المنفذ او المحكوم عليه او العون المكلف بتبليغ او تنفيذ الحكم القضائي ويقرر الرئيس اما اذا كانت الادعاءات المتعلقة بالصعوبة مجرد وسليه للمماطلة والتسويف ترمي الى المساس بالشيء المقضي به حيث يامر في هذه الحالة بصرف النظر عن ذلك ” ومفهوم المساس بالشيء المقضي به يعني محاولة مثير الصعوبات الواقعية افراغ الأحكام القضائية من محتواها وفاعليتها عن طريق الحيلولة دون تنفيذها، وحيلولته إما أن تأخذ شكل مساس بقدسية الأحكام وهيبتها فتكون امام فعل جرمي يجد تكييفه في جنحة تحقير مقرر قضائي او يتخذ شكل مساس بالحرمة الجسدية لمأمور التنفيذ سواء كان عون التنفيذ أو مفوض قضائي، فتكون امام عصيان وقد تتخذ شكل ممانعة مجردة لمنع مسطرة التنفيذ وهي لا تقع تحت تكييف جنائي لانعدام الركن القانوني وهي بذلك شكل من اشكال رفض التنفيذ الذي يتم التغلب عليه بالقوة العمومية لا بتحريك المتابعات.
الهوامش
[1] يعاقب على العصيان المرتكب من طرف شخص او شخصين بالحبس من شهر الى سنة وغرامة من 60 الى 100 درهم (الفقرة 1 من الفصل 301 ق ج) – فان كان الشخص او الشخصان مسلحان، ارتفعت العقوبة من ثلاثة أشهر الى سنتين وغرامة من 200 الى 500 درهم طبقا للفقرة 2 من الفصل 301 ق ج . – فان وقع العصيان اكثر من شخصين مجتمعين بان كانوا ثلاثة فما فوق. كانت العقوبة من سنة الى ثلاث سنوات وغرامة من 200 الى 1000 درهم (ف 1 من الفصل 302 ق ج ) – فان كان في الاجتماع اكثر من شخصين يحملون أسلحة ظاهرة ارتفعت العقوبة الى سنتين كحد وخمس سنوات كحد اقصى طبقا للفقرة 2 من الفصل 302 ق.ج . – فان وجد احد الأشخاص مع هذه المجموعة يحمل سلاحا خفيا، غير ظاهر طبقت العقوبة السابقة عليه وحده والباقي تطبق عليه العقوبة المنصوص عليها في الفقرة 1 من الفصل 302 قج
[2] مع ملاحظة ان التحريض على العصيان. او كان يعاقب عليه كما يعاقب على هذا الاخبر، فت عناصر التكوينية مختلفة عن العناصر التكوينية لجنحة العصبان ومي ان يتم التحريض علی العصيان بالمفهوم الوارد بالفصل 300 ق ج، أي على المقاومة او الهجوم بالعنف ضد الموظف الملكف
[3] قرار عدد 6699 بتاریخ 14/ 9 / 1989 في الملف الجنحي عدد 88 /19750 منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 61 الصفحة 78 وما يليها,
[4] قرار محكمة النقض عدد 740 بتاریخ 12/ 7 / 1995 في الملف الجنحي 19779/89 منشور مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 49 و 50 الصفحة 226 وما يليها .
[5] قرار محكمة النقض المغربية عدد 1439 بتاريخ 1995/ 7/ 26 في الملف 14086 منشور بمجموعة قرارات المجلس الاعلى المادة الجنائية 1976 الصفحة 205 ومايليها.
[6] – قرار محكمة النقض عدد 2825 بتاريخ 31/ 10 / 2001 في الملف عدد 2742/2001 : منشور بالنقریر السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2001 الصفحة 188
المصدر: مجلة المفوض القضائي العدد الاول 2018 الصادرة عن المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء