مقدمة
يعتبر الهدف الأساسي والأسمى الذي تسعى إليه جميع الدول و المجتمعات، تأسيس نظام قضائي قوي ومتين، وقوة القضاء ومتانته لا تتمظهر فقط في إقرار الحقوق عن طريق البث في المنازعات والخصومات، ولكن أيضا في الحفاظ على هذه الحقوق وصيانتها وإيصالها إلى أصحابها، فالمتقاضي لا يلجأ إلى هذا الجهاز من أجل الحصول على أحكام وقرارات وإنما من أجل الوصول إلى حقه والتمتع به، وذلك حتى لا تبقى الأحكام والقرارات مجرد أوراق شكلية من دون قوة تنفيذية على ارض الواقع، مما يشكل ضررا بالغا، وتعتبر العدالة ميزانا لكل أنواع السلوك القائمة في المجتمع بشتى الأصناف، فإذا ما انهارت العدالة في مجتمع ما انهار ذلك المجتمع.
ويعتبر تنفيذ الأحكام الوسيلة القانونية التي تمكن من نقل الحقيقة القضائية المتمثلة في الأحكام الصادرة عن القضاء إلى حيز الواقع ومطابقتها له، ذلك أن النطق بالحق لصاحبه لا معنى له إذا لم يتمكن من التصرف فيه.
ومعنى التنفيذ إخراج الفكرة من مجال التصوير إلى مجال التحقيق العملي، والتنفيذ في المجال القضائي مظهر من مظاهر الحماية القضائية، فالأحكام القضائية مهما حرصت على العدل والإنصاف فإنها تفقد كل قيمة لها متى بقيت عالقة دون تنفيذ، إذ تتيح للمستفيد من الحكم أن يجني ثمار هذا الحق الذي سعى إلى اقتضاءه، والحق في التنفيذ إنما ينشأ بعد وجود حكم أو سند قابل للتنفيذ، فالسند التنفيذي هو أداة التنفيذ ويشترط فيه سواء كان حكما وطنيا أو أجنبيا أو أي سند آخر أن يكون مستوفيا للشروط المنصوص عليها في القانون، وإذا لم تتوفر تلك الشروط يمكن أن تثار صعوبة التنفيذ.
نظرا لأهمية التنفيذ، تبرز أهمية الأدوار التي تقوم بها الأجهزة المخول لها مباشرة هذه المهام ( كتابة الضبط، المفوضين القضائيين، قاض التنفيذ)، حيث ظهرت مهنة كاتب الضبط في العصور والحضارات القديمة ( اليونانية، الرومانية)، وازدادت مكانة كتابة الضبط في العصر الوسيط حيث كان يعين كاتب الضبط من طرف الملك ويعد شخصية بارزة من شخصيات المملكة، وفي النظام الإسلامي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مجموعة من الكتاب يتولون كتابة الوحي والسنة والوثائق والمعاهدات والمراسلات، أمثال علي ابن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان وغيرهما من الصحابة رضوان الله عليهم، وفي فرنسا يعتبر كاتب الضبط المساعد الأول للقضاء ويتمتع باستقلالية واسعة في عمله.
أما مهنة المفوض القضائي فهي من المهن العريقة في التاريخ، ففي العصور الوسطى كانت تسند مهمة تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاة إلى ما كان يعرف بالمنفذين، وحرصت مجموعة من الدول العربية على رأسها المغرب اقتباس هذه المهنة من الدول2 الرائدة خاصة فرنسا، إذ يعتبر المغرب من الدول التي قطعت أشواطا في تطوير مهمة تنفيذ الأحكام.
أما مؤسسة قاضي التنفيذ فقد تم التنصيص عليها لأول مرة في القانون المحدث للمحاكم التجارية لسنة 1997في مادته الثانية، إضافة إلى الرسالة الدورية لوزير العدل لسنة 1998التي تدعو إلى إحداث قاضي مكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ لدى المحاكم الابتدائية، كما هو الشأن بالنسبة للمحاكم التجارية.
وتضطلع كتابة الضبط بدور أساسي ومهم في سير عمل الجهاز القضائي، ومن بين هذه المهام عملية تنفيذ الأحكام بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة، إذ بدون التنفيذ لا معنى لضرورة صدور الأحكام، إضافة إلى كتابة الضبط يمارس المفوضون القضائيون هذه المهمة، ولهم مكاتب خاصة بهم تجهز بنفقتهم الخاصة ومأمن عليها، ويقوم كل مفوض قضائي بإجراءات التبليغ والتنفيذ، واستقبال المتقاضين وتسجيل الملفات ونسخ المحاضر.
أهمية الموضوع: تتجلى أهمية الموضوع في معرفة الأجهزة المكلفة بتنفيذ الأحكام، من خلال الاطلاع على المهام المنوطة بكل جهاز على حدى، وطرق اشتغالها والمساطر التي تتبعها من أجل تنفيذ الأحكام، والوقوف عند أهم الصعوبات التي تواجه الأجهزة في تنفيذ الأحكام.
إشكالية الموضوع: من خلال دراستنا للأجهزة القانونية المكلفة بتنفيذ الأحكام، تبرز إشكالية محورية، بطرح تساؤل يهم مدى نجاعة النصوص القانونية في توفير آليات أساسية للمؤسسات المكلفة بالتنفيذ تساعدها على مباشرة مهامها بكل سلاسة دون مواجهة عوائق أثناء عملية التنفيذ.
وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات لعل أبرزها معرفة الجهات المكلفة بتنفيذ الأحكام ودورها والمهام المنوطة بها في هذه المسطرة، ونطرحها كالأتي: – كيف تساهم كتابة الضبط في تنفيذ الأحكام؟ – كيف تساهم كل من مؤسسة المفوض القضائي وقاضي التنفيذ في تنفيذ الأحكام؟ – ما هي القوانين التي تنظم دور هذه الأجهزة في تنفيذ الأحكام؟ المنهج المتبع: سنعتمد في دراستنا لهذا الموضوع على المنهج الوصفي من خلال التطرق على طرق إلى عمل كل جهاز من الأجهزة المكلفة بالتنفيذ ووصف كيفية اشتغالهم، إضافة على3 اعتماد منهج تحليلي تفسيري، وذلك من خلال تحليل النصوص القانونية واستنباط المهام والإجراءات المتبعة لتنفيذ الأحكام.
خطة البحث: سنعتمد التقسيم الثنائي اللاتيني لدراسة هذا الموضوع وعليه سنقسمه إلى مبحثين:
– المبحث الأول: جهاز كتابة الضبط ودوره في تنفيذ الأحكام.
– المبحث الثاني: جهاز المفوضين القضائيين ودوره في تنفيذ الأحكام.
المبحث الأول: جهاز كتابة الضبط ودوره في تنفيذ الأحكام
تقوم كتابة الضبط بأدوار مهمة في إجراءات التنفيذ، كما هو معلوم فإن كتابة الضبط لا تصدر أية أوامر أو أحكام أو قرارات، فالتشريع المغربي لم يخول لأي من موظفي كتابة الضبط إصدار الأوامر أو الأحكام، وذلك انسجاما مع طبيعة عملهم.
فسير المحاكم والقضاء يتوقف على مدى قدرة كتابة الضبط في إنجاز المهام الموكولة لها، سواء الإدارية والمحاسبية منها أو القضائية وشبه القضائية، فكتابة الضبط تعتبر محورا لجميع العمليات التبليغية والتنفيذية، والتي لا يمكن أن تتم إلا من خلال تعاونها و إشرافها.
وتتكون كتابة الضبط من عدة أقسام تختلف باختلاف المحاكم، حيث يتم تخصيص مكتب لاستيفاء الرسوم القضائية ومكتب التبليغات القضائية، وآخر للقضايا الاستعجالية، ومكتب للتنفيذ، وذلك ضمانا لحسن أداء كتابة الضبط لوظيفتها الأساسية المتمثلة في تنظيم ملفات القضايا والطلبات المودعة لديها بالشكل الذي يمكن القضاة من أداء وظيفتهم في أحسن الظروف، وهذا عكس ما كانت عليه كتابة الضبط فيما مضى، حيث كانت تتواجد بدار القاضي، ويقوم كتاب الضبط بجميع الإجراءات ويساعدون القاضي في مهامه، وكان الجهاز يتكون من أمين دار القضاء، وكاتب دار القضاء، وكاتب مكلف بالمحفوظات، إضافة إلى المخزني أو الشرطي.
وسنعمل على إبراز التنظيم الهيكلي والقانوني لكتابة الضبط، إضافة إلى دورها في إجراءات التنفيذ.
المطلب الأول: التنظيم الهيكلي والقانوني لكتابة الضبط.
نشأ جهاز كتابة الضبط في المغرب من خلال عدة عوامل تاريخية ساهمت في إحداث تحولات جوهرية في نظام هذا الجهاز، سواء على المستوى القانوني والهيكلي، وذلك منذ سنة ،1913مرورا بعهد الحماية الفرنسية، إلى أن صدر أول نظام أساسي في تاريخ هذه الهيئة سنة 2011
الفقرة الأولى: التنظيم القانوني لكتابة الضبط.
سنركز على أهم التعديلات التي لحقت الإطار القانوني لكتابة الضبط بالتطرق إلى المرسومين اللذين أعادا صياغة مضمون القواعد التي تحكم جهاز كتابة الضبط، إضافة إلى النظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط.
1 – أحمد القباب، مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته، مكتبة الرشاد، سطات، الطبعة الأولى، ،2015ص .
145 أولا: المرسوم المتعلق بالإعانات الممنوحة لفائدة موظفي كتابة الضبط.
2 ينظم هذا المرسوم الإعانات المخولة لفائدة هيئة كتابة الضبط، وتشمل إعانة جزافية، ويحدد وعاء الإعانة الجزافية الواجب منحها لفائدة موظفي هيئة كتابة الضبط في 20في المائة من الموارد المقيدة سنويا في الحساب المرصد لأمور خصوصية المسمى” الصندوق الخاص لدعم المحاكم والسجون.
3كما يحدد وعاء الإعانة الخاصة الواجب منحها لفائدة هيئة كتابة الضبط المعهود إليهم باستيفاء الغرامات والعقوبات المالية التي تحكم بها المحاكم والمصاريف القضائية، والرسم القضائي في 10في المائة من الموارد المقيدة سنويا في الحساب السالف الذكر،4وتسند مهمة تنفيذ هذا المرسوم إلى كل من وزير العدل والحريات، ووزير الاقتصاد والمالية، والوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بتحديث القطاعات العامة كل واحد في حدود اختصاصاته.
5 ثانيا: المرسوم رقم 2-08-71بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي كتابة الضبط يتكون هذا المرسوم من 49مادة، وصدر بعد طول انتظار، ونص على إحداث هيئة كتابة الضبط بوزارة العدل تعمل في حدود الاختصاصات المخولة لها قانونا، وتنفذ ما تأمر به المحكمة من إجراءات مسطرية، وتكون في وضعية عادية للقيام بالوظيفة بمختلف المحاكم وبالمصالح المركزية واللاممركزة بوزارة العدل.
ومن إيجابيات هذا المرسوم، أنه حدد طبيعة جهاز كتابة الضبط وأطلق عليها صفة “هيئة”، غير أنه يؤاخذ على هذا المرسوم إجحافه في حق فئة عريضة من مكونات هذه الهيئة، وقلص من الأسلاك والأطر المكونة لها.
ثالثا: النظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط6 صدر أول نظام أساسي ينظم هيئة كتابة الضبط بتاريخ 14سبتمبر ،2011وارتقى بالمرسوم المشار إليه آنفا، إلى مستوى نظام أساسي خاص بهيئة كتابة الضبط، ويمكن تعداد بعض محاسن هذا النظام، غد أنه حدد الوضعية النظامية لهيئة كتابة الضبط والسلطة الحكومية المشرفة عليها، والمتمثلة في وزارة العدل إضافة إلى تحديد شروط التوظيف والترقية، والرفع من منظومة الأجور والتعويضات، وإدماج المتصرفين والتقنيين في الدرجات المماثلة لها، دون أن ننسى دور كتابة الضبط في تشكيل هيئة الحكم، إذ تعتبر 2 – مرسوم رقم 2-08-72صادر في 5رجب 9( 1429يوليوز )2008يتعلق بالإعانات الممنوحة لفائدة موظفي هيئة كتابة الضبط، الجريدة الرسمية رقم 5646الصادرة يوم الخميس 10يوليوز .
2008 3 – المادة 2من المرسوم.
4 – المادة 3من المرسوم.
5 – المادة 4من المرسوم.
6 – مرسوم رقم 2-11-473صادر في 15من شوال 14( 1432سبتمبر )2011بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة كتابة الضبط، الجريدة الرسمية عدد 5981بتاريخ 27شوال 26-1432سبتمبر .
20116 دعامة أساسية، ويعد حضورها إلزاميا إلى جانب قضاء الحكم والنيابة العامة تحت طائلة البطلان.
7 وعموما يعد هذا القانون أول نظام في تاريخ هيئة كتابة الضبط في المغرب لكن يعاب عبيه أنه أغفل عدة جوانب تنظيمية وهيكلية حيث أنه لم ينظم الاختصاصات المتعلقة بكل إطار من أطر الهيئة على حدى، كما أنه لا يحتوي على المقتضيات المتعلقة بحقوق وواجبات موظفي هيئة كتابة الضبط، بل تركها خاضعة لمقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
الفقرة الثانية التنظيم الهيكلي لجهاز كتابة الضبط
تتكون هيئة كتابة الضبط من ثلاثة أصناف من الأطر، إطار المنتدبين القضائيين، إطار المحررين القضائيين، وإطار كتاب الضبط،8وسنتطرق إلى التنظيم الهيكلي لكتابة الضبط بالمحاكم الابتدائية ثم الاستئنافية.
أولا: كتابة الضبط بالمحاكم الابتدائية تنقسم كتابة الضبط بالمحاكم الابتدائية إلى مصلح كتابة الضبط( )1و مصلحة كتابة النيابة العامة(:)2 -1مصلحة كتابة الضبط تتكون هذه المصلحة من عدة مكاتب وهي: – المكتب المدني: ويضم الشعبة المدنية، الشعبة التجارية، الشعبة الاستعجالية، الشعبة الإدارية، شعبة الحالة المدنية، شعبة العقار.
– المكتب الاجتماعي: ويضم منازعات الشغل، شعبة حوادث الشغل والأمراض المهنية.
– المكتب الجنحي: ويضم الشعبة الجنحية، شعبة حوادث السير، شعبة المخالفات، شعبة الأحداث، شعبة السجل العدلي، شعبة المحجوزات.
– مكتب التبليغ المدني.
– مكتب التنفيذ المدني: ويضم مكتب تنفيذ المنقولات، شعبة تنفيذ العقار، شعبة الحجز لدى الغير.
– مكتب السجل التجاري.
– المكتب الإداري: ويضم شعبة الضبط والإحصائيات، شعبة التدبير الإداري.
– مكتب الرسوم القضائية والحسابات، ومكتب تصفية الصوائر والرسوم القضائية.
– مكتب الأحوال الشخصية والميراث (قضاء الأسرة.)
– مكتب قضاء القرب.
الحوار الوطني للإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، تأهيل الموارد البشرية لمنظومة العدالة، هيئة كتابة الضبط، الندوة الجهوية الثالثة من إعداد الرابطة المستقلة لرؤساء المصالح الإدارية اللاممركزة لوزارة العدل والحريات، السعيدية 21و 22سبتمبر .
مصلحة كتابة النيابة العامة تنقسم هذه المصلحة إلى المكاتب التالية: – المكتب الجنائي: ويضم شعبة الشكايات والمحاضر، شعبة مراقبة القضايا الجنحية، شعبة التنفيذ الزجري.
– المكتب المدني: ويضم شعبة تدخل النيابة العامة في القضايا المدنية، شعبة المساعدة القضائية، شعبة الحريات العامة، شعبة الجنسية.
– مكتب التدبير الإداري: ويضم شعبة الضبط والإحصائيات، الشعبة الإدارية.
ثانيا: كتابة الضبط بمحاكم الاستئناف تحتوي مصلحة كتابة الضبط بمحاكم الاستئناف على المكاتب والشعب التالية: – المكتب المدني.
– المكتب الجنحي.
– مكتب الجنايات.
– المكتب الإداري.
– مكتب قضايا الأسرة.
– مكتب الرسوم القضائية والحسابات.
– مكتب التبليغ والتنفيذ الزجري.
المطلب الثاني: دور كتابة الضبط في تنفيذ الأحكام
تقوم كتابة الضبط بمجموعة من الإجراءات، منها تلك التي تسبق صدور الحكم، كتقييد الدعاوى التي ترد على المحكمة، وتعيين القاضي المقرر والجلسة بعد تقييد المقال، إضافة استدعاء الأطراف، وتبليغ النيابة العامة ببعض الدعاوى التي تكون فيها طرفا رئيسيا أو منضما.
وتقوم كذلك ببعض الإجراءات التي تلي صدور الحكم، إذ يقوم كاتب الضبط المكلف بشعبة التبليغ، بتبليغ الأوامر والأحكام الصادرة عن المحكمة إلى الأطراف أو وكلائهم،10إضافة إلى دورها في مرحلة التنفيذ، حيث تعتبر أخطر مرحلة في حياة الملفات التي تعرض على أنظار المحكمة، إذ به يتم إخراج منطوق الحكم إلى الواقع الملموس، فبعد أن يصير الحكم نهائيا، أي قابلا للتنفيذ، يباشر كاتب الضبط مختلف إجراءات التنفيذ حسب نوع القضايا.
– عبد الجليل العلمي، التنظيم الهيكلي لكتابات الضبط، المملكة المغربية، وزارة العدل، المعهد العالي للقضاء، مديرية تكوين كتاب الضبط ( باقي البيانات غير مذكورة.)
الفقرة الأولى: مهام مأمور التنفيذ
سنتطرق في هذه الفقرة إلى التعريف بمأمور التنفيذ (أولا)، ثم إلى مهام مأمور التنفيذ (ثانيا): أولا: التعريف بمأمور التنفيذ مأمور التنفيذ هو ذلك الموظف العمومي المنتمي إلى أحد أسلاك موظفي المحاكم الذي عهد إليه التشريع بالقيام بالأعمال والمهام المرتبطة بالتنفيذ، وهو في هذه الحالة يقوم بمهامه بصفته ممثلا للسلطة العامة.
ويمارس نشاطه تحت إشراف رئيس مصلحة كتابة الضبط الذي يتولى تسيير سائر ما يتعلق بالتنفيذ الجبري، والكل تحت إشراف ومراقبة رئيس المحكمة الابتدائية الذي يرجع إليه الأمر فيما يتعلق بكل ملف تنفيذي، ويتعين على مأمور التنفيذ احترام سلطة الدولة، كما يستفيد من حماية الإدارة من التهديدات والإهانات التي يتعرض لها أثناء قيامه بمهامه، كما يحق له الاستعانة بالقوة العمومية بعد الحصول على إذن من الجهة المختصة إذا صادفته عقبات وعراقيل أثناء مباشرة التنفيذ، ويمنع عليه أن يمارس أي نشاط مهني يدر عليه دخلا إلا بمقرر وزيري وهو مسؤول عن كل خطأ يرتكبه أثناء تأدية وظيفته، وأن يحفظ السر المهني في جميع الأعمال التي يزاولها.
ثانيا: مهام مأمور التنفيذ أناط المشرع المغربي في الفصول 477 ،473 ،441 ،439 ،430 ،429من قانون المسطرة المدنية، لكتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية تنفيذ الأحكام الصادرة عنها، منها القواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام وحجز المنقولات والعقارات والحجز لدى الغير والحجز الارتهاني، والحجز الاستحقاقي، والتوزيع بالمحاصة كما أن قانون الالتزامات والعقود، يتضمن بعض المبادئ الأساسية المبررة لسلوك طرق التنفيذ منها على سبيل المثال، الرهن الحيازي وأنواع الدائنين الممتازين، وعليه فإنه يقتضي تدخل مأمور الإجراءات الذي يعتبر موظفا في الجهاز القضائي، ومهامه يمكن تصنيفها إلى صنفين: – تحرير مختلف الأوراق الخاصة بالإجراءات المقدمة إليه.
– مباشرة عمليات التنفيذ بعد التأكد من سلامة الإجراءات والشروط اللازمة.
وأعوان كتابة الضبط وحدهم مؤهلون ولهم الصفة في تحرير محاضر الحجز العقاري، حيث يقوم عون التنفيذ بعد حصوله على السند القانوني-في الحالة التي يكون قد سبق له9 فيها أن قام بحجز العقار تحفظيا- بتحويل الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي وذلك بمجرد تقديم طلب في الموضوع إلى رئيس مصلحة كتابة الضبط.
وفي نفس السياق جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بمراكش ” حيث أنه ما عابه المستأنف من بطلان عملية تحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي مردود، على اعتبار أن عون التنفيذ حتى في حالة عدم وجود حجز تحفظي أن يقوم بحجز العقار طبقا للفصل 470من قانون المسطرة المدنية، والذي ينص على انه إذا لم يكن العقار محل حجز تحفظي سابق وضعه العون المكلف بالتنفيذ بين يدي القضاء بإجراء حجز عقاري عليه، وفي النازلة فإن عون التنفيذ حرر وحضر بعدم كفاية المنقولات وبالتالي فإن عملية التحويل تمت بطريقة نظامية.
الفقرة الثانية: المهام العملية لكتابة الضبط في إجراءات التنفيذ
لا يمكن لمأمور التنفيذ القيام بالتنفيذ إلا إذا كان بيده سند تنفيذي مذيل بالصيغة التنفيذية، وذلك طبقا للفصل 433من قانون المسطرة المدنية، في الصورة والشكل اللذين ينص عيهما القانون حتى يمكن تنفيذه، على أنه تجدر الإشارة إلى أن الصيغة التنفيذية لا تضفي بذاتها على المحرر القوة التنفيذية،12فإذا وضعت خطأ على محرر لا يعترف به القانون فإنه لا يجوز تنفيذه، والجهة المكلفة بإعطاء الصيغة التنفيذية هي كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار، أما بالنسبة للمقررات التحكيمية 13الوطنية منها أو الأجنبية والأحكام الأجنبية فرئيس المحكمة الابتدائية هو المختص بمنحها.
لذلك ارتأينا التطرق إلى السندات التنفيذية، ثم الوقوف على المهام والإجراءات العملية لهيئة كتابة الضبط في عملية التنفيذ.
– أولا: السندات التنفيذية هي الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصادق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة، والحكم هو أقوى السندات التنفيذية من حيث ثبوت الحق المقرر فيه لأنه يصدر من المحكمة بعد تحقيق مزاعم الخصوم ويحسم كل أسباب النزاع بينهم ويخضع في تنفيذه لقاعدتين: الأولى: هي أن تكون الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به وهي الأحكام غير القابلة للطعن بالطرق العادية وتقبل التنفيذ الجبري، ولا يمنع من تنفيذه قابليتها للطعن فيها
بإعادة النظر أو النقض، أو الطعن فيها بإحدى هاتين الطريقتين، إلا إذا قضى بوقف تنفيذها.
والثانية: هي أن الأحكام الابتدائية أو الغيابية الاستئنافية، لا يجوز تنفيذها إلا بعد فوات أجل التعرض والاستئناف، أما الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في حدود نصابها الابتدائي فلا يجوز تنفيذها إلا بعد فوات أجل الاستئناف، إلا إذا كانت مشمولة بالنفاذ المعجل، والأحكام التي ألغتها محاكم الاستئناف لا يجوز تنفيذها، وكذلك الأحكام التي سقطت بمضي ثلاثين سنة من تاريخ صدورها.
أما السندات التنفيذية الأخرى هي: محاضر الجلسات المثبتة لعقود الصلح.
المحضر المثبت لتعهد الكفيل.
الأوامر الصادرة بتقدير المصاريف المشتملة على أتعاب الخبير أو الترجمان.
العقود المبرمة داخل المملكة المغربية، كعقد الرهن.
قرارات نقيب هيأة المحامين بتحديد الأتعاب بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية.
الأوامر بالأداء فيما يتصل بالديون الثابتة بمقتضى اعتراف المدين.
الأوامر الاستعجالية.
الأحكام القضائية المغربية والأجنبية.
أحكام التحكيم المذيلة بأمر وأن لا يكون الأمر وقع فيه الطعن بالاستئناف.
– ثانيا: العمليات التنفيذية إن الأوامر والأحكام القابلة للتنفيذ بحكم القانون أو بعد انتهاء أجل الطعن، والمرفقة بشهادة تثبت ذلك طبقا لمقتضيات الفصول 428و 433و 441من قانون المسطرة المدنية، تسلم منها نسخة للمستفيد حاملة للصيغة التنفيذية، والذي يتعين عليه تقديم طلب بالتنفيذ وبعد أداء الرسوم القضائية يسجل الطلب بالسجل العام للتنفيذ، ويحال على مأمور التنفيذ الذي يتعين عليه أن ينتقل إلى عين المكان، وينذر المحكوم عليه.
وإذا كان الأمر يتعلق بحكم قاض بأداء مبلغ، أخرى مأمور التنفيذ إحصاء للأشياء الموجودة بالمحل مع مراعاة مقتضيات الفصل من قانون المسطرة المدنية، وعين 14 – الفصل 121والفصل 180من قانون المسطرة المدنية.
– الفصل 413من قانون المسطرة المدنية.
– الفصل 155من قانون المسطرة المدنية.
– الفصل 149من قانون المسطرة المدنية.
– الفصل 440من قانون المسطرة المدنية.
المنفذ عليه حارسا وأشعره بضرورة الأداء على أن يحرر محضرا يضمن فيه ذلك ويحدد فيه تاريخ النقل والبيع ثم يبلغه إلى جميع الأطراف وإذا كان الأمر يتعلق بحكم قاض بإفراغ محل، ينتقل مأمور التنفيذ إلى عين المكان ويطلب من المنفذ عليه تسليمه للمستفيد وفي حالة الرفض يحرر محضرا بذلك ويحيل نسخة منه صحبة نسخة من الحكم على وكيل الملك للمطالبة بمؤازرته بالقوة العمومية.
إذا كان الأمر يتعلق بحجز تحفظي، هناك بعض إجراءات التنفيذ تكتسي صبغة وقتية ومفاجئة، والأمر يتعلق بالمحجوزات التحفظية على عقارات محفظة التي تسجل مباشرة بالمحافظة على الأملاك العقارية أو غير المحفظة حيث يحرر محضر وصفي للعقار ويضمن لدى رئيس المحكمة بسجل خاص موضوع رهن إشارة العموم أو على المنقولات أو على الأصل التجاري.
ثم ما إذا كان الأمر يتعلق بتحويل حجز تحفظي إلى حجز تنفيذي، فيجب على المستفيد الإدلاء بحكم نهائي أو مشمول بالنفاذ المعجل.
كما سبق وأشرنا، أنه قد يستعصي على أعوان التنفيذ القيام بالمهام المنوطة بهم بعد قيامهم بعدة محاولات للتنفيذ ضد مكترين أو محتلين الصادر في حقهم أحكام تقضي بإفراغهم، ففي هذه الحالة يحرر السيد رئيس كتابة الضبط أو من يقوم مقامه طلبا يلتمس من خلاله النيابة العامة مساعدته وتوفير الحماية له بواسطة تسخير القوة العمومية، وعندما تتوصل النيابة العامة بطلب المؤازرة من كتابة الضبط، وتتحقق من الوثائق المطلوبة، توجه كتابا للسيد العامل قصد إمداد المحاكم المختصة بالقوة العمومية، تلافيا لما من شأنه أن يخل بالأمن العام، خاصة وأن المتقاضي المغربي هو شخص عنيد لا يخضع لأمر الأحكام بسهولة وقلما يمتثل لها بتنفيذها طواعية، بل هو حريص على استنفاذه لجميع المساطر المخولة له قانونا، وهذا ما يفسر كثرة دعاوى الصعوبة المثارة أمام المحاكم قبل التنفيذ وأثناءه وبعده، فضلا كذلك عن كثرة اللجوء إلى الطرق الاستعطافية أو ما يطلق عليه مسطريا بالآجال.
– الفصل 455من قانون المسطرة المدنية.
– محمد يحيى ولد أحمد ناه، مرجع سابق،
المبحث الثاني: جهاز المفوضين القضائيين ودوره في تنفيذ الأحكام
يتولى المفوض القضائي بمقتضى المادة 15من القانون 2181.
عدة اختصاصات، تتمثل في قيامهم بالتبليغ اللازم للتحقيق في القضايا ووضع الإجراءات المتطلبة لتنفيذ الأوامر والأحكام والقرارات وكل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية، إلى جانب ذلك فإنه يتولى تبليغ الإنذارات بطلب من المعني بالأمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ.
وباستقرائنا لمقتضيات القانون 81.03يتضح أن مساحة الاختصاص بالنسبة للمفوض القضائي قد اتسعت مقارنة بمؤسسة العون القضائي، من قيامه بعمليات تبليغ الأوامر والأحكام والقرارات وكذا الاستدعاءات على اختلافها، نجد أن هذا الاختصاص يسند إلى جوانب هامة تتصل بإجراءات التنفيذ الذي يعتبر الغاية القصوى في الدعوى القضائية، ولم يعد يستثنى من إجراءات التنفيذ التي يمارسها المفوض القضائي إلا ما تم استثناءه طبقا لمقتضيات المادة 22 15من القانون .81.03 فالمفوض القضائي أصبح بإمكانه القيام بإجراءات التنفيذ باختلاف أنواعها وفقا للقواعد المقررة للتنفيذ في قانون المسطرة المدنية بإشراف رئيس المحكمة، وذلك حسب ما نصت عليه المادة 16من القانون رقم 81.03معتمدا في ذلك على مختلف الأساليب المسطرية.
ومن جهة أخرى أصبح المفوض القضائي يتمتع بصلاحيات جديدة تتجاوز تلك الصلاحيات التي كانت مخولة للعون القضائي في ظل القانون القديم،23حيث أصبح بإمكانه تنفيذ الأحكام والعقود والسندات ذات القوة التنفيذية، كما أسندت له مهمة استيفاء المبالغ المحكوم بها، التي أصبحت أحكامها حائزة لقوة الشيء المقضي به، أو استيفاء المبالغ لمستحقة بمقتضى سند تنفيذي.
وارتأينا التطرق إلى اختصاصات المفوض القضائي، إضافة إلى دوره في تنفيذ الأحكام والتحدث عن مؤسسة قاضي التنفيذ في عنوان فرعي.
ظهير شريف رقم 1-06-23صادر في 15من محرم 12( 1427فبراير ،)2006بتنفيذ القانون رقم 81.03بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين.
المطلب الأول: اختصاصات المفوضين القضائيين
سنقتصر على الحديث عن اختصاصات المفوضين القضائيين فيما يخص المكان والتنظيم، حيث أن الاختصاص الموضوعي سنتطرق إليه في ثانيا هذا المبحث بشكل مستفيض، عند حديثنا عن مهام المفوض القضائي.
الفقرة الأولى: الاختصاص المكاني تنص المادة 2من القانون رقم 81.03على أنه ” تحدث بدوائر المحاكم الابتدائية مكاتب المفوضين القضائيين للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا لهذا القانون أمام محاكم المملكة” ، مطلع هذه المادة يعقد الاختصاص المكاني لمؤسسة المفوض القضائي لدائرة المحكمة الابتدائية التي يتواجد مكتبه فيها، بمعنى أن كل دائرة ابتدائية تضم مجموعة مكاتب تختص مكانيا في ممارسة المهنة داخلها، غير أن العبارة الواردة في المادة .
“للقيام بالمهام المنوطة بهم طبقا للقانون أمام مختلف محاكم المملكة”، تحدث تشويشا على مسألة الاختصاص المكاني، إذ توحي بإمكانية ممارسة المفوض القضائي لمهامه أمام مختلف محاكم المملكة، وحيثما تواجدت الدائرة التي تنتمي إليها.
وأزالت المادتان 12و 20من القانون 81.03الغموض الذي ظهر في المادة الثانية، وجاءت المادة 21حاسمة، حيث نصت على ما يلي: ” يختار الأطراف أو نوابهم المفوض القضائي من بين المفوضين القضائيين الموجودة مقار مكاتبهم بدائرة المحكمة المطلوب القيام بالإجراءات في دائرة نفوذها”.
وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاص المكاني للمفوض القضائي يبقى مرتبطا بدائرة المحكمة الابتدائية التي ينتمي إليها مهما اتسعت أو ضاقت دائرة المرفق القضائي الذي يباشر الإجراء أمامه سواء تعلق الأمر بالمحكمة الابتدائية نفسها أو بالمحكمة الإدارية أو التجارية أو غيرهم، على المشار أن المحكمة الابتدائية تتمتع بالولاية العامة، وبها يفتح ملف شخصي لكل مفوض قضائي، ويمارس مهامه تحت مراقبة رئيسها ،24وإن كان ذلك لا ينفي صلاحية رؤساء المحاكم الأخرى في ممارسة هذه المراقبة بالتركيز على جانب الاختصاص الذي قد يكون موضوعيا كما قد يكون مكانيا.
25 وينشأ ارتباط المفوض القضائي باختصاصه المكاني بموجب قرار التعيين الذي يصدره وزير العدل ،26ويحدد فيه مقر المفوض القضائي ودائرة اختصاصه الترابي التي يمكن له القيام بممارسة مهنته فيها، فإذا كان موضوع الإجراء مدنيا أو اجتماعيا أو جنائيا، فإن الاشتغال عليه يفرض عدم الخروج عن الاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية، وإذا 24 – المادة 11من القانون .81.03 كان الإجراء إداريا أو تجاريا، فإن الاشتغال عليه يفرض عدم الخروج عن دائرة المحكمة الإدارية أو التجارية مع مراعاة حدود الاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية التي يمارس مهنته داخلها، بمعنى أن الاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية يقدم على الاختصاص المكاني للمحكمة الإدارية أو التجارية أو غيرهما.
الفقرة الثانية: الاختصاص التنظيمي تتولى هيئة خاصة السهر على تدبير أنشطة كل مهنة حرة، وفق قوانين داخلية مستمدة من روح قانون المهنة، وحسب القانون رقم 81 03فإن الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين هي التي تختص بمجموعة من المهام التنظيمية التي يمكن الوقوف عليها فيما يلي: – أولا: مهام استشارية يقدمها أعضاء الهيئة للمسؤولين القضائيين كلما تعلق الأمر بقرار من قرارات التعيين أو النقل أو ما شابه ذلك مما قد يتعرض له أحد المفوضين القضائيين.
– ثانيا: مهام الاقتراح تتمثل في مختلف الاقتراحات التي يقدمها أعضاء الهيئة للمسؤولين القضائيين كلما تعلق الأمر بحالة من حالات التصفية، أو الإحصاء المترتبة عن استقالة أحد المفوضين القضائيين أو توقيفه.
– ثالثا: مهام التتبع والإخبار تلخصها المحاضر المنجزة من طرف أعضاء الهيئة والتي تتضمن متابعتهم لعمليات التصفية والإحصاء الجارية بمكاتب المفوضين القضائيين بواسطة كتابة الضبط بعد نقلهم أو توقيفهم، كما تلخصها أيضا التقارير الإخبارية التي ترفعها الهيئة إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التابع لها المفوض القضائي قصد تحريك المتابعة التأديبية ضده كلما حدثت تجاوزات مهنية، كما أن الهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين تتلقى بدورها إخبارا من السيد رئيس المحكمة كلما تعلق الأمر بإلحاقات جديدة تهم الكتاب المحلفين المساعدين للمفوض القضائي، وعلى المفوضين القضائيين أيضا إخبارهم في حالة التخلي عن عقود هذه الإلحاقات.
المطلب الثاني: دور المفوض القضائي في إجراءات التنفيذ
يتم اختيار المفوض القضائي من طرف المستفيد من التنفيذ، ويتعين على المفوض القضائي المختار أن يقدم لرئيس مصلحة التنفيذ وضعية الإجراءات المحالة عليه في أجل لا يتعدى 15يوما، ويدونها هذا الأخير بالملف التنفيذي الأصلي المفتوح لديه ويحتفظ بذلك الملف، بعد ذلك يقوم المفوض القضائي بتبليغ إعذار المدين بان يفي بما قضى به الحكم15 حالا وتعريفه بنواياه، كما تنص على ذلك الفقرة الأولى من الفصل 440من قانون المسطرة المدنية، وذلك خلال أجل لا يتعدى 10أيام من تاريخ تسلمه طلب التنفيذ، وبعد مرحلة الإعذار يقوم المفوض القضائي بتحرير محضر تنفيذي يبين فيه أنه قام بعملية التنفيذ بطريقة عادية،27وسنفصل أكثر في دور المفوض القضائي عند حديثنا عن إجراءات تنفيذ الأحكام وإجراءات تنفيذ الأوامر.
الفقرة الأولى: إجراءات تنفيذ الأحكام يتضمن تنفيذ الحكم من طرف المفوض القضائي القيام بالعمل على تنفيذ ما جاء في منطوق الحكم، ويختلف الأمر هنا حول ما إذا كان منطوق الحكم يقتضي استخلاص مبالغ مالية أو التزام بعمل أو امتناع عن عمل.
فإذا تعلق الأمر باستخلاص مبالغ مالية، كالحكم بأداء النفقة، أو بأداء ما بذمة المدين من دين، فإن المفوض القضائي في هذه الحالة يلجأ أولا إلى القيام بتبليغ إعذار إلى المعني بالأمر من أجل الأداء، مع منحه أجل عشرة أيام من أجل ذلك، ويحتوي هذا الإعذار على تفصيل للمبالغ المالية الواجب أداءها.
وفي حالة عدم الأداء، يلجأ المفوض القضائي إلى القيام بإجراء آخر وهو الحجز التنفيذي، حيث ينتقل إلى المكان الذي سيجري به الحجز، ويعمل على تحرير محضر الحجز، أما إذا لم يجد ما يحجز، فإنه يحرر محضر بعدم وجود ما يحجز.
وإذا تعلق الأمر بالتزام بعمل أو الامتناع عن عمل، فإن دور المفوض القضائي في هذه الحالة هو العمل على السهر على تنفيذ ما جاء في منطوق الحكم، فإذا كان التزام بعمل كإرجاع الوضع إلى حاله، أو الحكم بالرجوع إلى بيت الزوجية، فإن المفوض القضائي يعمل على التأكد من أن المنفذ ضده قام بتنفيذ ما جاء في الحكم، وذلك بعد تبليغه له، فمثلا إذا كان الحكم ينص على الرجوع إلى بيت الزوجية، فما يقوم به المفوض القضائي في هذه الحالة هو التأكد من أن الزوجة قد قامت فعلا بتنفيذ هذا الحكم، ورجعت إلى بيت الزوجية، إذا عادت يحرر المفوض القضائي محضرا يشير فيه إلى ذلك، و إذا امتنعت يقوم المفوض بتحرير محضر امتناع عن الرجوع إلى بيت الزوجية، هذا المحضر يستند عليه الزوج أمام القضاء من أجل إسقاط النفقة.
28 ونفس الأمر بالنسبة للامتناع عن عمل، فمهمة المفوض القضائي هنا هي مراقبة مدى استجابة الشخص للحكم الصادر ضده، حيث يعمل على تحرير محضر يضمنه ذلك.
27 – محمد يحيى ولد ناه، مرجع سابق، ص .
78 28 – محمد العبيد، جهاز المفوضين القضائيين بالمحكمة الابتدائية بالجديدة، تقرير عن تدريب لنيل الإجازة في الحقوق، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية ،2008-2007ص 1316 الفقرة الثانية: إجراءات تنفيذ الأوامر سنتناول في هذه الفقرة الأوامر المبنية على سندات (أولا)، الأوامر المبنية على طلب (ثانيا)، الطلبات الشخصية ثالثا، تنفيذ الإنابات الواردة (رابعا.
) – أولا: الأوامر المبنية على سندات تتمثل عملية التنفيذ في تسلم المفوض القضائي للسند وإعلام المدين به من أجل تسديد ما عليه، فإن قام بالتسديد فإن المفوض القضائي يحرر محضرا يثبت فيه بأن المدين قد أدى ما بذمته من دين، وإن امتنع عن ذلك فإن النفوض القضائي يلجأ إلى تحرير محضر امتناع المدين عن الأداء، والذي يستند عليه الدائن كحجة رسمية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة من أحل اقتضاء حقه.
– ثانيا: الأوامر المبنية على طلب -1العقود المختلفة تشمل العقود المختلفة مجموعة من الأوامر الاستعجالية التي تختلف حسب الطلبات، فهناك الأمر بإثبات حال، أو إجراء معاينة، أو إنذار استجوابي، أو إنذار من اجل الأداء، فتكون مهمة المفوض القضائي هي القيام بالتنفيذ بناء على ما جاء في الأمر، ذلك بالانتقال إلى عين المكان المراد إجراء عملية التنفيذ للقيام بما طلب منه من إجراء وعند الانتهاء من ذلك يحرر محضرا لزوما يثبت فيه ما قام به من إجراءات،29وإذا اعترضه مانع أشار إلى ذلك.
-2إجراء الحجز التحفظي يقوم المفوض القضائي بهذا الإجراء عندما يرغب طالب التنفيذ في حبس أموال المدين حبسا مفاجئا، لاتخاذ إجراءات التنفيذ، بعدما يتم النظر في موضوع الدعوى التي يتم رفعها أمام أنظار المحكمة.
يحدد طالب التنفيذ المفوض القضائي المختار للقيام بإجراءات التنفيذ، ويتعين على هذا الأخير اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بالحجز، حتى يضمن حق الدائن المرتقب بعد الفيل في النزاع من طرف المحكمة، وكذلك الحيلولة لمنع المدين من تهريب أمواله.
-3إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير يتخذ هذا الحجز صورة حجز تنفيذي، يوجهه الحاجز إلى المحجوز لديه بواسطة المفوض القضائي الذي تم اختياره للقيام بهذه الإجراءات، يكلفه فيه بالامتناع عن الوفاء أو 29 – محمد العبيد، مرجع سابق، ص .
1417 التسليم، وبالتقرير بما في ذمته، ويعمل على إجراء عملية الحجز، حتى يتم استيفاء الحاجز لحقه مما يثبت وجوده في ذمة المحجوز لديه.
– ثالثا: الطلبات الشخصية يعمل المفوض القضائي على القيام بعمليتي تبليغ وتنفيذ الطلبات الشخصية الموجهة إليه من طرف الراغب في هذا الإجراء، وذلك طبقا لما جاء في المادة 15من القانون رقم ،81.
03وقد يكون هذا الطلب إما تبليغ إنذار أو إجراء معاينة، أو غيرها من الطلبات المباشرة.
– رابعا: تنفيذ الإنابات الواردة يختص المفوض القضائي بتنفيذ الإنابات الواردة، حيث لا يكون الشخص المراد التنفيذ له في دائرة المحكمة التي أصدرت الحكم أو الأمر، وإنما يتواجد بدائرة أخرى، فيكلف المفوض القضائي في هذه الدائرة للقيام بإجراء التنفيذ في مواجهة المنفذ عليه بعدما يحال إليه السند التنفيذي وطلب التنفيذ من طرف الشخص الراغب في التنفيذ أو موكله.
30 وعموما فالمفوض القضائي يقوم بإجراءات التنفيذ باختلاف أنواعها، ويقوم بإرجاع النسخة التنفيذية إضافة إلى المحضر التنفيذي إلى قسم التنسيق مع المفوضين القضائيين الذي يعمل على تسجيل تاريخ الإرجاع ومآل التنفيذ بالسجل الخاص بالمفوض الذي قام بالتنفيذ.
الفقرة الثالثة: قاضي التنفيذ لم ينظم المشرع المغربي مؤسسة قاضي التنفيذ في إطار قانوني خاص، ولم يعرفه، وإنما وضع اسم مخالف وهو قاضي متابعة إجراءات التنفيذ، والضرورة العملية أصبحت تفرض هذا النوع من القضاء نظرا للمشاكل المواكبة لعملية التنفيذ، ويتولى قاضي التنفيذ مجموعة من المهام من بينها الإشراف على عمليات التنفيذ، وإصدار أوامر متعلقة بالتنفيذ.
– أولا: الإشراف على عمليات التنفيذ تتمثل مهمة قاضي التنفيذ في تتبع عمليات التنفيذ، وهي الإشراف الإداري على عمليات التنفيذ، لكن قاضي متابعة إجراءات التنفيذ لا يعتبر رئيسا إداريا لأعوان التنفيذ على خلاف رئيس كتابة الضبط أو رئيس قسم التنفيذ، فإشرافه يكون محدودا، غير أنه في نفس الوقت يمكن أن تعقد صلاحياته إلى مجالات قضائية متعلقة بمنازعات التنفيذ لا يسمح لموظف بكتابة الضبط أن يتخذها.
30 – محمد العبيد، مرجع سابق، ص .
1718 ومن المعلوم أن قاضي التنفيذ لا يختص بمباشرة إجراءات التنفيذ، بل تتمثل مهمته في الإشراف والرقابة على أعمال التنفيذ الذي ينجزها مأمور التنفيذ.
31 – ثانيا: إصدار أوامر ولائية متعلقة بالتنفيذ يجوز لقاضي متابعة إجراءات التنفيذ إذا تم تمكينه من الصلاحيات والاختصاصات التي يتمتع بها رئيس المحكمة في إطار الفصل 148من قانون المسطرة المدنية، إصدار أوامر ولائية متعلقة بالتنفيذ، وتتميز الأوامر الولائية عن القرارات الولائية في كون هذه الأخيرة تصدر في غياب الخصوم ودون استدعائهم وسماع أقوالهم، بخلاف القرارات القضائية التي تستوجب استدعاء الخصوم وسماع دفوعاتهم.
32 ويمكن لقاضي متابعة إجراءات التنفيذ البث في صعوبات التنفيذ الوقتية، إذا أنيب له ذلك من طرف رئيس المحكمة التجارية وتوفرت فيه صفة أقدم القضاة طبقا للفصل 147 من قانون المسطرة المدنية.
31 – محمد يحيى ولد ناه، مرجع سابق، ص .
83 32 – محمد يحيى ولد ناه، مرجع سابق،ص .
8519 خاتمة تطرقنا من خلال ما سبق إلى الجهات المكلفة بالتنفيذ، ووقفنا بشكل مباشر ومقتضب على إجراءات التنفيذ من خلال العمل القضائي باعتبار التنفيذ من أهم الإجراءات التي تلي الدعوى والبث فيها، وتهم تطبيق الحكم على أرض الواقع، غير انه يواجه مجموعة من العقبات، حيث أصبح سيئي النية المنفذ عليهم الذين لم يستطيعوا الحصول على مبتغاهم بالمرافعات وبممارسة طرق الطعن، يتملصون من الوفاء بالتزاماتهم.
وبتفقد الأجهزة المكلفة بالتنفيذ لا تزال تعاني من مشاكل متعددة لعل أبرزها: – العصيان والتهديد، أو التعدي الذي يتعرض له المنفذ، خلال عملية التنفيذ وتملص السلطات من ضمان الحماية الكافية لهم قصد تنفيذ الأحكام الصادرة.
– التأخير في تسليم ملفات التنفيذ للمفوض القضائي، وعدم أداء مصاريف الخبرة من طرف طالب التنفيذ.
وفيما يلي بعض الاقتراحات للتخفيف من هذه الصعوبات: – العمل على إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ لدى كل محكمة ابتدائية تسند له جميع الاختصاصات المتعلقة به: الولائية والقضائية الوقتية، أو الموضوعية ويجمع بين رئيس المحكمة ومصلحة كتابة الضبط، وبين قاضي المستعجلات ومحكمة الموضوع، ويراقب عن كثب ملف التنفيذ، كما يعاين كل إجراء من إجراءات التنفيذ قبل وبعد إنجازه ويتولى توزيع العمل على الأعوان وتوجيه السياسة التنفيذية بالمحكمة متحملا المسؤولية.
– تنظيم تداريب مكثفة وعمليات للقيام بعمليات التنفيذ ومناقشة العراقيل والبحث عن الحلول.
– إلغاء نظام التنفيذ بالإنابات، وجعل تنفيذ الأحكام من اختصاص محكمة مكان التنفيذ وحدها نظرا للمشاكل التي تطرحها الإنابة والمرتبطة أساسا بكثرة شكايات المتضررين من تأخير الإنابات.
– عند الاستعانة بالخبراء يجب احترام اختصاص الخبراء، بحيث يعين كل خبير بحدود اختصاصه، وخصوصا بالنسبة للتقويمات والشؤون العقارية.
20 لائحة المراجع الكتب oأحمد القباب، مهام جهاز كتابة الضبط في المادة المدنية ومسؤوليته، مكتبة الرشاد، سطات، الطبعة الأولى، .
2015 oمحمد بفقير، مهنة المفوض القضائي بالمغرب، الطبعة الاولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، سنة .
2001 oنورة غزلان الشنيوي، التنظيم القضائي للمملكة دراسة للبناء الأساسي وفق رؤية قانونية منذ فترة ما قبل الحماية إلى الألفية الثالثة، مطبعة الورود، إنزكان الطبعة الأولى، .
2010 oنورة غزلان الشنيوي، قانون المسطرة المدنية وفق اخر المستجدات، مطبعة الورود، إنزكان، الطبعة الثالثة، .
2015 الرسائل والبحوت oعبد الجليل العلمي، التنظيم الهيكلي لكتابات الضبط، المملكة المغربية، وزارة العدل، المعهد العالي للقضاء، مديرية تكوين كتاب الضبط ( باقي البيانات غير مذكورة).
oمحمد العبيد، جهاز المفوضين القضائيين بالمحكمة الابتدائية بالجديدة، تقرير عن تدريب لنيل الإجازة في الحقوق، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 2008-2007 oمحمد يحيى ولد أحمد ناه، إجراءات التبليغ والتنفيذ في العمل القضائي- دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بطنجة السنة الجامعية -2009 .
2010 الندوات: oالحوار الوطني للإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، تأهيل الموارد البشرية لمنظومة العدالة، هيئة كتابة الضبط، الندوة الجهوية الثالثة من إعداد الرابطة المستقلة لرؤساء المصالح الإدارية اللاممركزة لوزارة العدل والحريات، السعيدية 2012 سبتمبر22 و21212